منذ مطلع العام 2023، أقام المستعمرون 18 بؤرة استعمارية جديدة، غلب عليها طابع البؤر الرعوية الزراعية وأربع بؤر تصنف على أنها بؤرة سكنية وهي التي أقامها مستعمرون على أراضي قرى قريوت وبيت ليد و"الجفتلك وعقربا" وقصرة.

والبؤر الرعوية هذه الأيام يسيطر من خلالها مستعمرون مسلحون محميون بقوة الجيش على مساحات شاسعة من أراضي المواطنين بحجة الزراعة والرعي، لكن في حقيقة الأمر، يكمن الهدف من هذا الإجراء هو السيطرة على كل مساحة ممكنة من أراضي المواطنين بوسائل غير رسمية، أولاً: من أجل إضعاف قدرة القرى والبلدات الفلسطينية على التمدد الطبيعي وخنق هذه البلدات والتجمات مما يتهددها خطر التهجير الناتج عن البيئة القسرية الطاردة، ثانياً: من أجل السيطرة على المصادر الطبيعية لا سيما المياه، ثالثاً: من أجل خلق أمر واقع جديد تتواطأ معه حكومة الاحتلال بالتشريع والقوننة، وبالتالي تتحول هذه المساحات من الأراضي لصالح المستعمرين والمشروع الاستعماري بشكل ثابت ودائم.

واللافت منذ مطلع العام 2023، وتحديداً مع تشكيل حكومة الاحتلال الأخيرة، الأكثر يمينة وفاشية وتطرفاً، تركيزها الكبير على البؤر الاستعمارية و"شرعنتها" وإقرار مخططات هيكلية لها، أنها أصبحت تأخذ طابعاً دعائياً من خلال خطابها الموجه للداخل، أي إرضاءً لجمهور المستعمرين، فمرة تعلن أنها ستقوم "بشرعنة" 10 بؤر على امتداد الضفة الغربية وبالتالي تحويلها إلى 9 مستعمرات كاملة، (نهاية شباط الماضي)،[1] قامت دولة الاحتلال في أيلول بشرعنة اثنتين منها من خلال تعديل حدودها وهي بؤر عسهئيل وأفيجال جنوبي الخليل، ثم من خلال الإعلان عن شرعنة 4 بؤر تقع في المساحة الممتدة بين محافظتي نابلس ورام الله، وتحديداً تلك التي أقيمت كامتداد لمستعمرة  عيلي (نهاية حزيران) وهي بؤر "بيلجاي مايم" و"هيوفيل" و"حاريم" وبؤرة رابعة لم تحدد بعد، أو من خلال سماح رئاسة حكومة الاحتلال ببقاء المستعمرين داخل بؤرة أفيتار المقامة على أراضي بلدة بيتا في محافظة نابلس(نهاية حزيران) بالرغم من كل قرارات المحاكم الاحتلالية التي قضت بإخلائها، وإثباتات الصور الجوية التي تعتمدها محاكم الاحتلال، بالرغم من انحيازها في مسألة التقاضي على الأرض لصالح مؤسسات الاحتلال، ملكيتها للمواطنين الفلسطينيين، وأخيراً، شرعنة البؤرة الدينية المقامة داخل المستعمرة المخلاة "حومش"من خلال تعديل قانون فك الارتباط 2005.

يتضح من كل ذلك، أن مسألة البؤر الاستيطانية الاستعمارية تعتبر هذه الأيام عنواناً كبيراً وحيوياً لسلوك دولة الاحتلال في السيطرة على الأرض الفلسطينية، سواء برعاية أعمال المستعمرين وحمايتها، أو من خلال "الشرعنة" بالأثر الرجعي لكل ما يقام، وكأنها رسالة تريد دولة الاحتلال أن توصلها لجمهور المستعمرين، أن أية بؤرة يتم إقامتها الآن، سيكون مصيرها أن تتحول إلى مستعمرة  كبيرة.

 

 

[1]  سيتم دمج بؤرتين في مستعمر ة واحدة وهي جفعات هروئيه وجفعات هرئيل القريبتين من مستعمر ة شيلو المقامة على أراضي رام الله.