منذ مطلع العام 2023 وحتى نهاية حزيران، أقام المستوطنون ثلاثة عشر بؤرة استيطانية جديدة، غلب عليها طابع البؤر الرعوية الزراعية وواحدة تصنف على أنها بؤرة سكنية وهي التي أقامها مستوطنون على أراضي قريتي سنجل واللبن شمالي رام الله والتي أعطتها ميليشيات المستوطنين اسم "حامور".

والبؤر الرعوية هذه الأيام يسيطر من خلالها مستوطنون مسلحون على مساحات شاسعة من أراضي المواطنين بحجة الزراعة والرعي، لكن في حقيقة الأمر، يكمن الهدف في هذا الإجراء هو السيطرة على كل مساحة ممكنة من أراضي المواطنين بوسائل غير رسمية، أولاً: من أجل حصر قدرة القرى والبلدات الفلسطينية على التمدد الطبيعي وخنق هذه البلدات والتجمات مما يتهددها خطر التهجير الناتج عن البيئة القسرية الطاردة، ثانياً: من أجل السيطرة على المصادر الطبيعية لا سيما المياه، ثالثاً: من أجل خلق أمر واقع جديد تتواطأ معه حكومة الاحتلال بالتشريع والقوننة، وبالتالي تتحول هذه المساحات من الأراضي لصالح المستوطنين والمشروع الاستيطاني بشكل ثابت ودائم.

واللافت منذ مطلع العام 2023، وتحديداً مع تشكيل حكومة الاحتلال الأخيرة، تركيزها الكبير على البؤر الاستعمارية و"شرعنتها" وإقرار مخططات هيكلية لها، أنها أصبحت تأخذ طابعاً دعائياً من خلال خطابها الموجه للداخل، أي إرضاءً لجمهور المستوطنين، فمرة تعلن أنها ستقوم "بشرعنة" 10 بؤر على امتداد الضفة الغربية وبالتالي تحويلها إلى 9 مستوطنات كاملة (نهاية شباط الماضي)[1]، ثم من خلال الإعلان عن شرعنة 4 بؤر تقع في المساحة الممتدة بين محافظتي نابلس ورام الله، وتحديداً تلك التي أقيمت كامتداد لمستوطنة عيلي (نهاية حزيران) وهي بؤر "بيلجاي مايم" و"هيوفيل" و"حاريم" وبؤرة رابعة لم تحدد بعد، أو من خلال سماح نتنياهو ببقاء المستوطنين داخل بؤرة أفيتار المقامة على أراضي بلدة بيتا في محافظة نابلس(نهاية حزيران) بالرغم من كل قرارات المحاكم الاحتلالية التي قضت بإخلائها، وإثباتات الصور الجوية التي تعتمدها محاكم الاحتلال، بالرغم من انحيازها في مسألة التقاضي على الأرض لصالح مؤسسات الاحتلال، ملكيتها للمواطنين الفلسطينيين، وأخيراً، شرعنة البؤرة الدينية المقامة داخل المستوطنة المخلاة "حومش"[2] من خلال تعديل قانون فك الارتباط 2005.

يتضح من كل ذلك، أن مسألة البؤر الاستيطانية الاستعمارية تعتبر هذه الأيام عنواناً كبيراً وحيوياً لسلوك دولة الاحتلال في السيطرة على الأرض الفلسطينية، سواء برعاية أعمال المستوطنين وحمايتها، أو من خلال "الشرعنة" بالأثر الرجعي لكل ما يقام، وكأنها رسالة تريد دولة الاحتلال أن توصلها لجمهور المستوطنين، أن أية بؤرة يتم إقامتها الآن، سيكون مصيرها أن تتحول إلى مستوطنة كبيرة.

 

 

 

 

 

خارطة توضح توزيع البؤر الاستيطانية التي أنشأت منذ مطلع العام 2023

 

 

 

[1]  سيتم دمج بؤرتين في مستوطنة واحدة وهي جفعات هروئيه وجفعات هرئيل القريبتين من مستوطنة شيلو المقامة على أراضي رام الله.

[2] راجع قسم قرارات الكنيسيت، في تقرير الانتهاكات نصف السنوي 2023 .

الملفات